مما لا شك فيه أن أي كتاب جغرافي يحتوي على خرائط توضيحية لمناطق أو محافظات أو ولايات أو بلدان أو قارات بعينها. ولما كانت الكتابة البارزة التي يستعملها المكفوفون في المدارس تستوعب مثل هذه الخرائط برسمها القياسي بخط بارز، كان لا بد من إدراجها في الكتب المدرسية التي تساعد التلاميذ على استذكار مادة الجغرافيا. فتقوم مطابع المركز النموذجي لرعاية وتوجيه المكفوفين بتوفير الكتب التعليمية للمكفوفين من خلال التعاقد مع وزارة التربية والتعليم المصرية، ولم تتردد إدارة المطبعة في توفير أي مادة تعليمية يمكن للخط البارز (برايل) استيعابها. ونظرًا لعدم قدرة الصفحة البارزة على استيعاب الخريطة والتفاصيل المكتوبة عليها، تقوم المطبعة بتوفير مفتاح لكل خريطة حيث يوجد كل رقم والمنطقة الجغرافية التي يشير إليها على الخريطة، أما الخريطة ذاتها فتحتوي على أرقام مرجعية يمكن للتلميذ التعرف على معانيها أو التعرف على المناطق التي تشير إليها بمطالعة المفتاح الخاص بهذه الخريطة أو تلك، على أن مفتاح الخريطة يقع في الصفحة التالية عليها.
وتمثل الخرائط الجغرافية وسائل للإيضاح بالنسبة للتلاميذ والطلاب النابهين فقط من المكفوفين، ذلك لأن أدوات كتابة الخط البارز التقليدية مثل المكتبة والمسطرة والقلم المسماري المدبب أو الآلة الكاتبة لا توفر خدمة الرسم ولا تستوعب إضافة مثل هذه الخدمة، وبالتالي لا يمكن للتلميذ الكفيف رسم خريطة جغرافية مما يحرمهم من إضافة أسئلة خرائطية في الامتحانات، (وإن كان وجود سؤال خاص بالخريطة في الامتحان لا يستلزم رسما!). فهل يمكن للتلميذ الكفيف التعرف على خريطة ما بعد دراستها وفحصها بشكل دقيق؟ فإن كانت الإجابة "نعم" فلماذا لا تضاف أسئلة خرائطية بسيطة لا تحتاج لرسم في امتحاناتهم، مما قد يساعدهم على دراسة الاتجاهات بشكل جيد ومعرفة العالم بطريقة يتسنى لهم من خلالها إدراكه وعدم الرهبة منه؟
على الرغم من شغف بعض الطلاب والتلاميذ بالخرائط وقضاؤهم وقتا ممتعا لفك طلاسمها بالاستعانة بمفتاح الخريطة، إلا أن المتخصصين في تعليم المكفوفين لا يكادون يهتمون باختبار المكفوفين في معرفتهم بالخرائط. ومع أن دراسة الخرائط تنمي الحس الاتجاهي وترقي من القدرة على إدراك الاتجاهات (وهو أمر حيوي بالنسبة للمكفوفين) إلا أن جهات التقييم المدرسية والتعليمية لا تحرص على ضم الأنشطة الجغرافية الخاصة بالخرائط إلى المقررات المعتمدة للمكفوفين.
ومع صعوبة رسم الخرائط الجغرافية، يستمتع المكفوفون أثناء حصص التربية الفنية والأشغال برسمها بالطين الصلصال أو بتثبيت سلك على الخشب بهيئة الخريطة المراد رسمها، ولكم نشرت لمكفوفين خرائط كوسائل تعليمية في دواليب مدرسو مادة الجغرافيا! فلماذا الخوف من اعتماد الخرائط وسيلة للإيضاح في هذه المادة؟ ولماذا لا يتم إدراج أسئلة خرائطية في اختبارات التقييم الدورية أو اختبار آخر العام؟ أسئلة متروكة لبحث الباحثين ورد المسئولين.